فيلا كازي.. شارع حائزي نوبل

فيلا كازي.. شارع حائزي نوبل
جوهانسبرج - طارق الجويني

"فيلا كازي" هو الشارع الوحيد في العالم الذي حصل اثنان من سكانه على جائزة نوبل، هما: القس ديزموند توتو؛ الذي فاز بالجائزة في فئة السلام عام 1984، ونيلسون مانديلا، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 1993.

ويعتبر هذا الشارع في السنوات الأخيرة أحد أهم معالم مقاطعة سويتو ذات الأغلبية الإفريقية السمراء التي تشتهر أيضا بعشق سكانها لكرة القدم، مما حدا باللجنة المنظمة لكأس العالم 2010 باختيار موقع استاد سوكر سيتي -أكبر وأعظم استادات كأس العالم القادمة- بالقرب منها.

لا يمكن لزائر جنوب إفريقيا تفادي زيارة هذا المعلم التاريخي، والتمتع بالنزهة فيه، وخاصة بعد قيام جهاز تنمية جوهانسبرج بتطوير الشارع، وتجديد وتوسيع أرصفته، وإنشاء المقاهي والمطاعم ومحلات بيع التذكارات على جانبيه، لعل أهمها مطعم نامبيتا الذي يعتبر أول مطعم في هذا الشارع (1992)، والذي يملكه ويديره خولاني فيلاكازي، حفيد فيلاكازي، الأديب والشاعر الكبير، وهو أول محاضر جامعي أسود في جوهانسبرج، ولهذا سُمي الشارع باسمه.

شارع فيلا كازي أيضا يشتهر بأنه مركز للمدارس الكبيرة في سويتو، أشهرها مدرسة غرب أورلاندو التي احتلت مكانة كبيرة في تاريخ جنوب إفريقيا النضالي ضد التفرقة العنصرية بمشاركة طلابها في مظاهرات الطلبة الشهيرة بالسادس عشر من يونيو/حزيران 1976.

وإذا كان القس ديزموند توتو يتواجد في منزله بالشارع أثناء الزيارات التي يقوم بها القس الشهير لجوهانسبرج فقط؛ فإن المنزل الذي يحمل رقم 8115 يعد شاهدا على لحظات تاريخية مهمة في تاريخ جنوب إفريقيا؛ حيث كان يقيم فيه نيلسون مانديلا من عام 1946 حتى لحظة القبض عليه عام 1962، ثم عاد إليه بعد 27 عاما قضاها بالسجن، وكتب عنه كتابه الشهير "السير طويلا نحو الحرية"؛ إذ وصف مانديلا مشاعره لحظة الرجوع إلى المنزل مع زوجته السابقة ويني" في تلك الليلة قائلا: "وعند عودتي مع ويني إلى منزلي رقم 8115 في غرب أورلاندو، لحظتها فقط أدركت أني قد خرجت من السجن، بالنسبة لي فإن 8115 في غرب أورلاندو هو مركز عالمي الخاص، والمكان الذي ترك آثاره على جغرافية عقلي".

بعد خروجه من السجن مكث مانديلا بهذا المنزل مدة 11 يوما فقط، ثم انتقل إلى أماكن سرية؛ حرصا على أمنه الشخصي، وخوفا عليه من الاغتيال من أحد المتطرفين البيض حتى انتقل إلى القصر الرئاسي، ومنه إلى منزله الذي يعيش فيه الآن.

عام 1999 تبرع مانديلا بهذا المنزل ليتحول إلى متحف وطني يسمى "متحف عائلة مانديلا" للحفاظ على مقتنيات الزعيم الجنوب إفريقي الشخصية وجوائزه العالمية، ويحكي المتحف للزوار قصة كفاح مانديلا وشعبه ضد التفرقة العنصرية.

يعتبر متحف عائلة مانديلا أكثر المعالم جذبا للسائحين في جواتنج حتى أصبحت زيارته جزءا لا يتجزأ من البرامج السياحية التي تنظمها شركات السياحة في جوهانسبرج، وخاصة بعدما تم توثيقه كموقع تراثي معتمد من الجهات المسؤولة في جنوب إفريقيا.

إذا كنت أحد المسافرين إلى جنوب إفريقيا لحضور مباريات كأس العالم؛ أنصحك بزيارة شارع فيلا كازي، ومشاهدة منزل مانديلا من الداخل، والتقاط الصور أمام منزل القس ديزموند توتو، ثم تناول الطعام الشعبي في مطعم نامبيتا، وشراء التذكارات من المحلات الجديدة على جانبي أرصفة الشارع الفريد التي تم رصفها مؤخرا، فتلك الزيارة تعتبر أحد أهم التجارب التي تتيح لأصحابها معايشة تاريخ وتراث جنوب إفريقيا، والرجوع إلى بلادهم محملين ليس فقط بالتذكارات، وإنما الأهم.. الذكريات.

مرسي على الموضوع